لدين أخلاق 
(The morality of religion)

Religion and morality
بقلم منذر هنداوي

الدين الذي أؤمن به هو  الأخلاق. رسالة الإسلام هي في هذا الحديث النبوي: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.  كل التعاليم و الفروض يجب أن تفضي بالمحصلة إلى تطوير القيم الاخلاقية للمجتمع. لا قيمة لكل مظاهر التدين من حج و صوم و صلاة إذا لم تنه عن الفحشاء و المنكر. فما قيمة عباداتك إذا كنت تُمارس الغش و النفاق!؟ الكذب والافتراء والفتنة التي هي اشد من القتل، والنميمة و التحريض على العداء والتشهير والتزوير والغدر والرياء، والسرقة والرشوة والادعاء و المباهاة و الغطرسة و التكبر والاعتداء على حقوق الناس، جميعها انحرافات ليست من الاخلاق. من يمارسها لا علاقة له برسالة الاسلام و لا أي دين.  

انظروا حولكم و قرروا كم من مسلم حقيقي بأخلاقه، و كم من مسلم  بالاسم، لكن ليس بالأخلاق!؟ اذهبوا إلى سوق الخضار لتروا مدى الغش والكذب في أسواقنا. انظروا إلى الفساد في مؤسساتنا. استمعوا الى مدى الرياء و النفاق في تلفزيوناتنا وقارنوا مع كثير من دول العالم ممن نصفهم بالكفر لتروا كم تطورت عندهم مكارم الأخلاق اكثر منا. رحم الله محمد عبدو الذي قال جملته المشهورة  بعد زيارته اوربا “رأيت في أوربا إسلاما بلا مسلمين”. فقد رأى أخلاقاً و احتراما في التعامل لم ير مثله بين المسلمين في بلادنا. 

قيمتك أيها المسلم لا تأخذها بمجرد انتمائك للاسلام، بل فيما اكتسبته من مكارم الأخلاق. قيمتك بأن تقف مع من هو ليس من دينك لكن أخلاقه كريمة، على أن تقف مع من هو في دينك لكنه بدون أخلاق. قيمتك ليست بأصلك أو نسبك إنما بما طورته من أخلاق و حسن معاملة مع الآخرين واحترام لحقوقهم بالتعبير عن آرائهم . قيمتك ليست فيما تريد أن تصور نفسك فيه من علم و مكانة و فقه إنما فيما تزرعه بمن حولك  من قيم الصدق و حسن الاصغاء للآخرين و لمخاوفهم. قيمتك ليست في قدرتك على المناورة و المساومة و المراوغة إنما في استعدادك على المكاشفة والمصارحة و احترامك للعهود مع الآخرين. قيمتك ليست في قدراتك على شيطنة الآخر ، إنما في قدرتك على المكاشفة معه و نقده وجهاً لوجه و باستماعك لنقده بحوار هادىء بكل احترام.

جميعنا نخطئ، و يمكن أن تخوننا أنفسنا و أن ينحدر مؤشر الاخلاق فينا، لكن جميعنا أيضا لدينا إمكانية التصحيح و التقويم و تجاوز الخطأ. بالوعي و الاصرار على مراقبة أنفسنا، و الإنصات لصوت العقل فينا نستطيع أن ننهض بالاخلاق. 

اتبع يا أخي أي دين شئت فهذا اختيارك. دينك و طائفتك لا تعني الناس و لا تؤثر بحياتهم. لكن أخلاقك في التعامل مع الناس تعنيهم و تؤثر فيهم. دينك لك أما أخلاقك فهي للناس.

Print Friendly, PDF & Email