(Peace with Israel) السلام مع إسرائيل

Warmongering Israel
بقلم منذرهنداوي

لا يرفض السلام عاقل. فقط المجرمون المرضى نفسيا يحبون الحرب والقتل. السوريون والعراقيون واللبنانيون والفلسطينيون لا يمكن أن يرفضوا السلام. معاناتهم المريرة من ويلات الحروب تدفعهم لقبول السلام وإن كان مبنياً على تنازلات كبيرة. 

لكن إسرائيل هي التي ترفض السلام. اسرائيل لا تقبل بغير سلام يسمح لها بالسيطرة المطلقة على العرب، والاستمرار في قضم الأراضي العربية. بعد اتفاق السلام بين الامارات و اسرائيل أكدت عدة تصريحات اسرائيلية من نتنياهو ونقلا عنه أن “اتفاقية السلام مع الإمارات تعتمد على مبدأ “السلام مقابل السلام”. و التصريح الأهم أن إسرائيل تعتمد على “مبدأ السلام من منطلق القوة”، أي منطق القوة وسيطرة اسرائيل المطلقة على العرب.  

لا شك أن إسرائيل دولة قوية حاضرة في كل مشاهد الواقع السياسي العربي و الاقليمي، ولا يمكن إنكارها بإزالتها من الخارطة و كتابة اسم فلسطين محلها. إنها من اقوى دول المنطقة عسكريا، واكثرها تطوراً اقتصاديا، وافضلها تقدماً علميا و تكنولوجيا. وزد على ذلك فهي دولة ديمقراطية، القانون فيها فوق الجميع بما فيهم الرئيس ورئيس الوزراء. لكن رغم كل هذا إسرائيل دولة مغتصبة عنصرية تجاه العرب عامة وتجاه الفلسطينيين خاصة. وهي الآن تحت حكم نتنياهو أكثر عنصرية وعجرفة واغتصابا للحقوق العربية من كل ما كانت عليه في تاريخها العنصري تجاه العرب.

قبل ثلاثة عقود كان في إسرائيل تياراً مستعدا لمبادلة الأرض مقابل السلام. وكانت أمريكا أيضاً معنية بإحلال السلام بين العرب وإسرائيل. علاوة على ذلك كانت ظروف الدول العربية تسمح بسلام متوازن فيه بعض التنازلات العربية الطفيفة. لكن الوضع تغير و صار اسم المرحلة حسب إسرائيل (السلام مقابل السلام). حصل هذا نتيجة تغيرات كبيرة في أمريكا، وإسرائيل، والمنطقة العربية خلال عشر سنوات الماضية. في أمريكا نمت شعبوية قومية لم يسبق لها مثيل في غطرستها. إنها الترامبية التي لخصها ترامب بشعاره (أمريكا أولاً). و هذا يعني ايضا أن ترامب أولا وفوق الجميع. فترامب لا يخجل إطلاقاً من تصوير نفسه فوق الجميع حتى في أمريكا. أما باقي دول العالم فلا مانع أن يأتوا رابعا أو عاشرًا أو حتى ليذهبوا إلى الجحيم.  

في إسرائيل نما تيار يميني انتهازي لا يقيم أي وزن للأخلاق ولا الاتفاقيات ولا لأبسط القيم الإنسانية في تعامله مع العرب. تعززت قوة هذا التيار من خلال الانهيارات الكبرى التي اجتاحت معظم الدول العربية. فمع من تقيم اسرائيل السلام؟  هل تقيمه مع لبنان المنهارة التي لا تمتلك قدرة على اتخاذ قرار وطني، أم أنها ستقيم سلاما مع سورية التي تتواجد على أرضها جيوش وعصابات تابعة لدول أجنبية، أم مع العراق الغارق في الفساد والذي تتحكم فيه ميليشيات ولاءها لغير العراق. هذه الانهيارات العربية شكلت فرصة ذهبية لليمين الاسرائيلي  كي ينمو ويستولي على الأراضي العربية و يزداد في عنصريته تجاه العرب؛ عنصرية لا تختلف عن عنصرية البيض في جنوب أفريقيا ضد السود.

يبدو أن كل شيء في هذا الواقع يمشي لصالح إسرائيل، و ربما الأصح يمشي لصالح اليمين الاسرائيلي. لكن السلام الذي تنشده إسرائيل لا يمكن أن يبنى على سحق إرادة الشعوب وسلبها حقوقها. إسرائيل تعيش وسط شعوب عربية وإسلامية تتفوق من حيث القوة البشرية  و القدرات الاقتصادية الكامنة على إسرائيل بعشرات المرات. استهتارها بالشعوب العربية سيبقى يغذي الكراهية تجاهها إلى أن تتصالح مع الشعوب وليس مع الحكام. ولا يمكن أن يتحقق هذا التصالح وشعوب المنطقة تعاني من إغتصاب إسرائيل لحقوقها. فهذه الكراهية ستبقى تتوارثها هذه الشعوب جيلاً بعد جيل، وستبقى تحدث انفجارات كبرى ضد اسرائيل إلى أن تتغير العجرفة الإسرائيلية تجاه الحقوق العربية المغتصبة.

Print Friendly, PDF & Email