هناك أشخاص كاذبون ولو صدقوا. و ترامب واحد منهم (On Trump the impulsive liar)

Trump the liar
بقلم منذر هنداوي

إذا قلت أن الساعة المتوقفة على صواب مرتين في اليوم فهذا لا يعني أنها على صواب إطلاقاً. فمنها لا يمكن أن تعرف ما هو الوقت. كذلك إذا قلت أن ترامب على صواب في موقف ما تجاه قضية ما فهذا لا يعني أنه على صواب إطلاقاً، فمنه لا تعرف غير الخداع لخدمة مصالحه الخاصة و لو ذهب العالم إلى الجحيم. 

عندما يعاقب ترامب منظمة الصحة العالمية بوقف التمويل عنها فهو كاذب في أسبابه. إنه لم يوقف الدعم عنها لأن المنظمة قصرت في التحقق بما أخفته الصين من معلومات عن انتشار الوباء. بل هو يعاقبها لأنه يبحث عن كبش فداء للتغطية على فشله في مواجهة الوباء في بلاده و استهتاره حتى بنصائح الخبراء في إدارته. لو أخطأت المنظمة أخطاء أكبر بعشر مرات لكنها لم تنتقد تصوراته عن انتشار الوباء لما اهتز له رمش إذا . لكن عندما تتجرأ ولا تساير سياساته تجاه الوباء فعندها لن يتردد في الهجوم عليها بكل ما يملك من قوة. 

ربما تكون المنظمة قد أخطأت تجاه تقديرات مدى سرعة الوباء في البداية. لكن هل هذا هو الوقت المناسب لمعاقبتها، حتى قبل محاسبتها، وهي تقود جهود التنسيق العالمي للتعامل مع هذا الوباء؟. بالتأكيد لا. لا أحد من قادة العالم يوافق ترامب على فعلته. لكن هذا غير مهم لترامب، لأن حساباته تتركز على أمر واحد هو ربح الانتخابات القادمة. ومن اجل هذا فهو لا يضحي بمنظمة الصحة العالمية و حسب، بل هو مستعد للتضحية بكل مستشار علمي  في إدارته يخالف تصوراته المفصلة تفصيلًا لخدمته في الانتخابات القادمة قبل أن تكون معنية بمحاربة الوباء. 

الأسوأ من مواقف ترامب هو تبرير مواقفه من نبش عيوب المنظمة. طبعا النقد ضروري، وفي كل الأوقات. لكن هل أخطاء المنظمة ترقى مثلا إلى مؤامرة لنشر الوباء؟! و هل ما يفعله ترامب هو من باب النقد؟!  هل وقف تمويل المنظمة في هذا الوقت هو من باب النقد أم باب كسر العنق!!.  تبرير ما يفعله ترامب هو مؤامرة لدعم رجل شعبوي مهووس بالجشع والسيطرة. من يسكت عن ترامب و يهاجم منظمة الصحة العالمية في هذا الوقت تحديدًا إنما هو منغمس في مؤامرة صمت لطمس الحقيقة. 

هناك من يقول نصف الحقيقة إذ يعترف أن ترامب أخطأ بعض الشيء في بداية الأزمة، لكنه يعزو ذلك إلى أن كل شخص يمكن أن يخطئ. وهذا صحيح كل الناس والقادة والعلماء والمفكرين يمكن يخطئوا. أنجيلا ميركل يمكن أن تخطئ. لكن خطأ ميركل لو حصل لكان نتيجة سوء تقدير بالتصرف الأنسب لمصلحة الشعب. و من أجل مصلحة الناس هي لا يهمها إطلاقًا أن تبقى بالسلطة ومستعدة للاستقالة بأي لحظة تشعر أن هناك من هو أفضل منها في التعامل مع الأزمة. أما خطأ ترامب فهو ليس نتيجة سوء تقدير بالطريق الأمثل لخدمة الناس، بل نتيجة المبالغة بالجشع وحسابات إعادة انتخابه بأي ثمن، سواء بالتزوير أو تحميل عيوب إدارته على أناس آخرين.

Print Friendly, PDF & Email