الديمقراطية عندما تصحو (Democracy, when it is awakened)

Democracy awakened
بقلم منذرهنداوي

الديمقراطية التي أدت إلى وصول شخص مثل ترامب إلى رئاسة أمريكا يمكن أن تنتقد بشدة. كما يمكن انتقاد الديمقراطية الأمريكية لما ارتكبته الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية فيها من جرائم بحق كثير من شعوب الأرض كي تعلي مصالح الشركات الأمريكية. 

لكن رغم كل هذا يوجد عناصر مشرقة في هذه الديمقراطية لا يمكن إنكارها، بل يجب التعلم منها. يمكن التعلم من ممارسة الأجهزة المنتخبة من الشعب لسلطتها في إخضاع أي شخص في الدولة للمساءلة والتحقيق. الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى عزل، و ربما سجن من يكتشف أنه خالف القانون. وترامب ليس استثناءاً و يمكن أن يعزل من قبل نواب منتخبين من الشعب. 

لا نعلم ماذا سينتج عن هذه المُساءلات، لكن متابعة شهادات مسؤولين كبار (مثل شهادة القائم بأعمال مدير المخابرات الوطنية جوزيف ماغواير أمام لجنة المخابرات المكونة من أعضاء الكونغرس) تظهر مدى السلطة الحقيقية الكبيرة للنواب المنتخبين على كافة الأجهزة التنفيذية مهما عظم دورها. بهذه القدرة على ممارسة نواب الشعب لحقهم باستجواب أي شخص من السلطة التنفيذية تتجلى أحد أهم معاني الديمقراطية. 

أما الوجه الآخر المشرق للديمقراطية فهو حرية الإعلام التي تجعل صحافيا مثل، جيف ماسون مراسل رويترز، يواجه الرئيس بكل أدب لكن بكل الحزم و الدقة في طرح الأسئلة على الرئيس الذي يحاول التهرب فلا يجد مخرجا. فعوضا عن أن يجيب على السؤال يخرج الرئيس عن طوره و يتبهدل أكثر فأكثر. بمثل هذه الحرية الإعلامية والإصرار على كشف الحقيقة تتم محاصرة أخطر المتهمين من قبل صحافي لا يملك غير القدرة على السؤال. وكثيرا ما تدفع هذه المحاصرة المتهم إلى الاستسلام، كما دفعت سابقا الرئيس نيكسون إلى الاستسلام والاستقالة. 

وهاهي الصحافة الآن تثلج القلب وهي تحاصر ترامب وتدفعه كي يظهر على حقيقته كي يعرفه الناس الذين تم التغرير بهم. و يطرح كل هذا علينا السؤال: ألا يوجد ما نتعلمه مما نراه أمامنا منذ عشرة أيام من الديمقراطية عندما تصحو، ومن الصحافة عندما تتحرى بكل المسؤولية عن الحقيقة؟ أجزم أن هناك الكثير من الدروس الواجب تعلمها.

Print Friendly, PDF & Email