(Israel and extremism) إسرائيل و التطرّف. 

Jewish terrorists
بقلم منذر هنداوي

العرب لن يكسروا إسرائيل. الفلسطينيون لن يكسروا إسرائيل. من سيكسر إسرائيل هو استمرار هذا النمو السرطاني للقوى الدينية القومجية اليهودية المتطرفة فيها. “الدولة اليهودية” حسب القانون الجديد في اسرائيل، لا تختلف بجوهرها عن “الدولة الإسلامية” للبغدادي. دولةٌ يقرر فيها اليهود، أو بالضبط اليهود المتطرفون، مصير الآخرين من مسلمين و مسيحين لا تختلف عن “الدولة الاسلامية” التي يقرر فيها البغدادي مصير الآخرين من مختلف الطوائف و الأديان. لا فرق بين تطرف إسلامي و تطرف يهودي، أو بين تطرف ديني و تطرف قومي، أو بين تطرف سني و تطرف شيعي.   

كل تطرف مرض. التطرّف الديني و الطائفي الذي يجعلك تنظر بتعالٍ إلى الأديان و الطوائف الأخرى مرض يعمي البصيرة والبصر فلا يجعلك ترى غير تصوراتك عن الطرف الآخر. الآخر واقف أمامك بتاريخه و مواجعه و حقوقه و مخاوفه و طموحاته و مع ذلك لا تراه غير حشرة يجب أن تُباد. التطرف مرض يشوه سمعك إذ يجعلك تسمع بكاء الأطفال وآهات من شردتهم، موسيقى تحاكي بطولاتك. التطرّف مرض إذ يجعل قلبك يتحجر فترى دماء الطرف الآخر ورداً تنثره على تيجان انتصاراتك. نعم التطرّف مرض يصيب العقل في مقتل إذ تقتنع أن من حقك أن تسلب الطرف الآخر حقه و حريته و أن تنصب نفسك حارساً و حاكماً عليه رغم رفضه أفكارك و تصوراتك. 

 اسرائيل دعمت التطرّف في بلادنا بطرق مختلفة وماكرة، لكنها إذ فعلت ذلك إنما عززت من فرص صعود المتطرفين فيها. سيفعل صعود التطرف في اسرائيل ربما أكثر مما فعل التطرّف في بلادنا. طبعاً هناك جهات و عوامل كثيرة أخرى اجتمعت لتفسح المجال للتطرف أن ينمو على نحو مخيف في بلادنا، و حتى في أكثر الدول اهتماما بالحرية. و النتيجة انقلاب العالم على نفسه و احتدام الصراعات فيه. وقد يكون ثمن التخلص من التطرّف المتنوع الأشكال في هذا العالم غالياً جداً، ربما أغلى بكثير من الثمن الذي دفعه العالم للتخلص من التطرف النازي. فهل من صحوة؟ لا أعلم.

Print Friendly, PDF & Email