أنت مسلم بمقدار ما أنت إنسان. (You are a Muslim as much as you are a human being)

Human dignity
بقلم منذر هنداوي

لماذا كل هذا التسابق على الإدعاء بتمثيل الإسلام؟. مئات المجموعات المسلحة تتسابق في اختطاف أكثر الأسماء دلالة على إنتماء طائفي سني أو شيعي من التاريخ الإسلامي لتزاود بتمثيلها لهذه الطائفة أو تلك و لتؤكد تمثيلها للإسلام. تمثيل الإسلام لا يأتي من اختطاف تلك الأسماء و التستر بها. لا يحق لأحد أن يدعي أنه يمثل الإسلام. لا داعش و لا القاعدة و لا أي جيش يحمل راية الإسلام يمثل الإسلام. لا الفكر الوهابي و لا فكر ولاية الفقيه يمثلان الإسلام و لا حتى يمثلان مذاهب و طوائف الإسلام. إن الله لم يختر ممثلاً أو خليفة له في الإرض، و لا أرسل نبياً في القرن الحادي و العشرين. فعهد الرسالات السماوية و الأنبياء قد انتهى قبل ١٤ قرناً.

أيها المسلم. اطرح رأيك و فهمك للإسلام كما تعتقد. اتبع المدرسة التي تريد. لكن لا تصادر حق الآخرين بفهمهم للدين الذي يعتنقونه. لا تكفرهم. لا تحاربهم لمجرد انهم يختلفون عنك بفهمهم للإسلام. أنت بالنسبة للناس مسلم ليس من خلال ما تريد فرضه من تصوراتك للإسلام، بل بما تساهم فيه من نشرٍ لجوهر تعاليم الإسلام السمح. أنت مسلم بمقدار ما تبني من روابط الإلفة و التعاضد بين الناس و ليس بما تبثه من مقومات العداء و التفرقة بينهم. انت مسلم بمقدار ما تساعد الناس على تعلم التفكير و الاحتكام للعقل عوضاً عن تأجيج مشاعر العداوة بينهم. أنت مسلم بمقدار ماتستمع للناس و تفهم طرحهم و ليس بمقدار ما تتكلم و تمنعهم من الكلام. أنت مسلم بمقدار ما تحترم سلطة القانون و ليس بمقدار ما تكسر القوانين. أنت مسلم ليس لأنك تمتلك القدرة على القتل، بل لأنك تستخدم تلك القدرة لمنع القتل. أنت مسلم بمقدار ما أنت إنسان.

أنتم يامن تقاتلون تحت رايات الإسلام، كيف شرعتم لأنفسكم حق قتل النفس التي حرم الله قتلها. كيف ساهمتم بكل هذا الدمار؟. كيف أصبحتم لوردات حرب و بنيتم الثروات الطائلة باسم الدين؟ كيف تمكنتم من تحويل مطالب شعوب المنطقة بالحرية و الإصلاح بعدما ضاقت ذرعاً بالفساد إلى حروب طائفية؟ هذه الحروب التي تؤججونها لم تكن قط حرباً حرباً طائفية. كانت احتجاجاً شعبياً عارما ضد الفساد و نهب البلاد. كيف تمكنتم من تحويلها إلى حرب بين الحسين و يزيد، او بين علي و عائشة؟ كيف جعلتموها حرباً بين الشيعة و السنة.

أنتم في المظهر أعداء بعض، لكنكم في الحقيقة حلفاء بعض. عملتم على الاستقطاب الطائفي في مجتمعاتنا حتى صرتم كقطبي المغناطيس متلاصقين من الداخل و متنافرين من الخارج. ضيقتم على الناس و بات عليهم أن ينجذبوا إما إليكم، و إما إلى القطب المعاكس. لم يعد للحر مكان بينكم. لم يعد يستطيع عاقل العيش بينكم. و كيف يعيش عاقل بينكم و أول شرط للإنتماء إليكم هو تحييد عقله و الخضوع لولايتكم و ثوابتكم و خرافاتكم و تفسيراتكم الملغمة للدين. أنتم أعداء العقل و لا تخجلون من هذا. بل تبثون عدائكم للعقل في مبادئكم وتعاليمكم. علمتم الأولاد الخوف و الطاعة العمياء و اللطم و الحزن حتى الإدماء. زرعتم فيهم الخوف من بطش الله وعذابه و لم تزرعوا فيهم معاني المحبة و الإخاء. أنتم تغتالون هذه الشعوب. أنتم تغتالون أولادنا و تغتالون أجيال بلادنا القادمة. أنتم تغتالون المستقبل. تريدوننا أن نعيش في الماضي الذي تتصورون. لكنكم لا تعرفون من الماضي غير الرماد و الظلام. أنتم لا تعرفون حتى أبطالكم اللذين تتغنون بهم و تستعيرون أسماءهم. و أُقسم لو علم هؤلاء الذين تتسترون بأسمائهم لانتفضوا غضباً منكم، و لقالوا لكم انتم لستم منا، أنتم لستم ورثة فكرنا و لا حماة إنجازاتنا.

ماذا تريدون من هذه البلاد؟ تريدون تحويلها إلى مداجن بشرية تفرخ لكم المقاتلين و العبيد؟. لكن تذكروا أن عصور العبيد و الجواري قد انتهت بارادة إنسانية عالمية فوق إرادتكم. و أنتم بمواجهة مع كل صاحب فكر حر، و مع كل إنسان يؤمن بأن رسالة الله أسمى من رسالتكم.

أنتم بمواجهة مع الانسان. فرسالة الله للانسان هي في السلام و البناء و نشر الأمان و الأمن. و انتم لا تعرفون غير الحرب و التوتر و الهدم.

Print Friendly, PDF & Email